مقدمـة:
تطهير المياه هي عملية القضاء على الأحياء الدقيقة الممرضة وغيرها من المتعضيات التي يمكن أن تجعل المياه غير صالحة للاستخدام لأغراض الشرب ولبعض الاحتياجات الاقتصادية الأخرى.
لا تسمح عملية تخثير الشوائب مع عمليات الترسيب والترشيح اللاحقة، وكذلك عملية الكلورة المسبقة للمياه بالحصول على إزالة كاملة للبكتريا الضارة، حيث تحافظ حتى10% من البكتريا والفيروسات على حياتها بعد العمليات السابقة. وكذلك لا تسمح عمليات المعالجة المختلفة لمياه الصرف الصحي بالقضاء نهائياً على الأحياء الممرضة في هذه المياه. لذلك تعتبر عملية التطهير هي العملية النهائية اللازمة لتحضير مياه الشرب وكذلك لمعالجة مياه الصرف الصحي قبل طرحها إلى المجمعات المائية الطبيعية أو استخدامها للأغراض المختلفة.
تجري عمليات التطهير عادة على المياه الخاضعة لأطوار المعالجة الأولية المتضمنة لعمليات التخثير والترويق وإزالة اللون إضافة إلى الترسيب والترشيح حيث تزال خلال هذه المعالجة الجزئيات التي يمكن أن تحتجز البكتريا والفيروسات بشكل مميز على سطوحها أو في مداخلها بعيداً عن تأثير وسائل التطهير.
يجري ضبط فعالية تطهير المياه بتحديد العدد الكلي للبكتريا في 1 سم3 من المياه وكذلك بتحديد تواجد زمرة العصيات المعوية Esherichia Coli وذلك بدلالة مؤشر كولي ـ إيندكس أو مؤشر كولي تيتر للمياه بعد التطهير.
إن العصيات المعوية E.Coli عصيات غير ضارة بحد ذاتها إنما تستخدم عمليات تحديدها كمؤشر للتلوث البكتيري للمياه. ويرتبط استخدام هذه العصيات كدليل لتواجد الأحياء الدقيقة في المياه بالتصورات التالية:
-1 إن تحديد تواجد العصيات المعوية E.Coli في المياه أبسط من تحديد تواجد البكتريا الأخرى للزمر المعوية.
-2 تؤثر المؤكسدات القوية المستخدمة لتطهير المياه على هذه العصيات بشكل أصعب من تأثيرها على الأحياء الممرضة التي تسبب الأمراض المعوية المختلفة.
-3 تتواجد هذه العصيات في أمعاء الإنسان وأمعاء حيوانات الدم الحار، لذلك فإن تواجدها في مصادر الإمداد المائي دليل على تلوث مياه هذه المصادر بالمخلفات البرازية.
عرفت تكنولوجيات المعالجة المائية الكثير من طرق تطهير المياه يمكن تصنيفها على الشكل التالي:
– I الطرق الحرارية: إن غلي المياه لفترة 12-20 دقيقة يقود إلى قتل جميع الأحياء الدقيقة ذات التشكلات اللابوغية، بينما لإبادة الأبواغ فتجري عمليات تسخين المياه تحت الضغط لدرجة حرارة 120°C أو أن يتم غلي المياه لمدة 15 دقيقة ثم تبرد حتى درجة الحرارة 35°C وتترك لمدة ساعتين للسماح بالانتشار الأبواغ ليتم بعد ذلك التسخين من جديد للمياه حتى الغليان. رغم بساطة هذه الطرق إلا أن استخدامها بقي محدوداً جداً نظراً لعدم إمكانية اعتمادها كطريقة أساسية في تطهير حجوم كبيرة من المياه.
-II الطرق الفيزيائية: تجري عمليات التطهير في هذه الطرق باستخدام تأثير الأشعة الشمسية أو الأشعة فوق البنفسجية أو أشعة غاما أو بيتا أو استخدام الأمواج فوق الصوتية.
-1 أشعة الشمس: تعد الشمس مطهراً طبيعياً للمياه إذ بتعرض المياه لأشعة الشمس مدة من الزمن يقتل الكثير من أنواع البكتريا نظراً لما تحمله الشمس من إشعاعات.
-2 الأشعة فوق البنفسجية: وهي طريقة فعالة في تطهير المياه إذ لا تقتل فقط البكتريا وإنما الحمات الراشحة أيضاً ويقتصر تأثير الأشعة فوق البنفسجية في الطبقة السطحية من المياه بسماكة 30 سم، بينما ينعدم تأثيرها في الأعماق الأكبر. تتولد الأشعة فوق البنفسجية في أنابيب من زجاج الكريستال الصخري الحاوية على سائل الزئبق والمعرضة لتيار كهربائي مستمر بتوتر (220 فولط) ولمدة (10) دقائق. بتعرض المياه لهذه الأشعة لمدة (40-10) ثانية يمكن إبادة البكتريا الممرضة الموجودة فيها. ويجب ألا تزيد عكارة المياه على (15) ملغ/ل حتى نحصل على كفاية عالية في التطهير، إذ لو زادت العكارة على هذا الحد فإنه من المحتمل أن تحتمي البكتريا بالمواد العالقة وتتجنب عندها مفعول الأشعة، ومن محاسن هذه الطريقة أنها سريعة الفعالية ولا تترك أثراً على طعم المياه ورائحتها.
-3 أشعة غاما: وهي أشعة فعالة جداً في إبادة البكتريا، ولهذه الأشعة طاقة نفوذ كبيرة ولهذا فإننا نستطيع استعمالها لمعالجة كميات كبيرة من مياه الشرب. لكن هذه الطريقة لا تستعمل حتى الآن في تطهير مياه الشرب وذلك بسبب خطر نشوء نشاط إشعاعي قوي في الجوار المباشر للماء.
-4 الأمواج فوق الصوتية: لقد وجد بالتجربة أن هذا النوع من الموجات يقتل البكتريا بصورة سريعة وأكيدة، إلا أن الحصول على الموجات فوق الصوتية ليس بالأمر السهل وهي لا تؤثر على أعماق كبيرة للمياه، ومكلفة من الناحية الاقتصادية، لذلك لم تلق انتشاراً واسعاً في مجال تطهير المياه.
-III استخدام تأثير بعض أيونات المعادن الثقيلة: إن استخدام كميات غير كبيرة من أيونات الفضة والنحاس والذهب يقود إلى تطهير المياه، حيث يمكن تطهير مياه الشرب باستخدام الفضة لإبادة البكتريا فقط، أما الحمات الراشحة فلا تتأثر بها، بالإضافة لذلك فإن استخدام الفضة يتطلب دقة عالية في تقدير الكمية اللازمة والتي تتراوح من (0.05-0.015) ملغ/ل. حيث إن أي زيادة قد تعطي مفعولاً سلبياً وتصبح المياه خطرة على الصحة العامة. وتتطلب العملية مدة تعريض طويلة فمثلاً نحتاج لتطهير المياه من الأحياء الممرضة باستخدام أيونات الفضة ذات التركيز 0.015 مغ/ل إلى فترة تماس للمياه مع هذه الأيونات لا تقل عن أربع ساعات. تعتبر أيونات النحاس أقل فعالية في القضاء على زمر الأحياء المعوية من بقية الأيونات المستخدمة في هذا المجال.
يتم غالباً تشريب الكربون المنشط بهذه الأيونات بغية استخدامه في عملية التطهير وخصوصاً في أجهزة التنقية صغيرة أو متوسطة الحجم.
-IV استخدام الترشيح عبر الأوساط المسامية المختلفة: إن أغلب الأحياء الممرضة باستثناء الفيروسات تملك أبعاداً أكبر من 1-2 ميكرون، لذلك فإن ترشيحها خلال أوساط ترشيح بأبعاد مسامات أقل من 1 ميكرون سوف يخلص المياه منها. أغلب أنواع المرشحات المستخدمة في هذا المجال هي المرشحات فائقة الدقة Ultra Filtrationالمصنعة من الخزف المسامي أو الخزف الصيني أو المرشحات الغشائية.. الخ.
-V استخدام المؤكسدات القوية: تعتبر هذه الطريقة أكثر الطرق شيوعاً في الاستخدام. ومن المؤكسدات المستخدمة لهذا الغرض: الهالوجينات كالكلور ومركباته المختلفة، والبروم، واليود، وكذلك استخدام برمنغنات البوتاسيوم، وبيروكسيد الهيدروجين، والأوزون.. الخ.
استخدام المؤكسدات القوية:
يستند اختيار طريقة التطهير إلى الكثير من العوامل المتعلقة بتصريف ونوعية المياه المطلوب معالجتها ودرجة التنقية الأولية لهذه المياه وطرق تأمين ونقل وضغط وسائل التطهير وإمكانية أتمتة عملية التطهير ومكننة الأعمال الصعبة في عملية الاستثمار.. الخ.
إن أكثر الطرق المستخدمة عملياً في تكنولوجيا التحضير المائي هي الطرق التي تستخدم المؤكسدات القوية.
تجري عملية تطهير المياه بالمؤكسدات القوية عموماً على مرحلتين. يقوم مفاعل التطهير في المرحلة الأولى بالانتشار إلى داخل أجسام الأحياء الممرضة ويقوم بالمرحلة الثانية بالدخول في تفاعل مع الأنزيمات داخل الخلية. تتحدد سرعة عملية التطهير بكينيتكا الانتشار لمفاعل التطهير داخل الجسم الحي وبالموت الكينيتيكي للخلية بفعل تأكسد الأنزيمات بمفاعل التطهير. ترتفع سرعة عملية التطهير بازدياد تركيز مفاعلات التطهير في المياه وبرفع حرارة المياه. تملك مفاعلات التطهير في المياه انتشاراً أسرع خلال الأغشية الخلوية من انتشار الأيونات المتشكلة أثناء تشرد هذه المفاعلات.
تتباطئ سرعة عملية تطهير المياه بتواجد المواد العضوية القادرة على التأكسد وكذلك بتواجد المرجعات المختلفة والمواد الغروية والمواد العالقة. وتعيق المواد الغروية والمواد العالقة خلال تواجدها في المياه تماس البكتريا مع مفاعلات التطهير بجذبها لهذه البكتريا.
تخضع كينيتيكا تطهير المياه للقانون التالي:
حيث:
-y عدد الأحياء الدقيقة المخربة بمفاعل التطهير المؤكسد في اللحظة الزمنية المدروسة t.
-t فترة الأكسدة.
-N عدد الأحياء المتبقية في المياه في اللحظة المدروسة.
-N0 العدد الأولي للأحياء الدقيقة.
-K ثابت السرعة ذو الواحدة t-1.
بإجراء التكامل للعلاقة السابقة في الحدود من t=0 y=0 و حتى t=t y=y نحصل على العلاقة التالية:
وقد أكدت نتائج الأبحاث التجريبية صحة العلاقة السابقة.
ويمكن التعبير عن تأثير تركيز مفاعل التطهير على سرعة موت البكتريا في المياه الخاضعة للمعالجة بالعلاقة التالية:
حيث:
-C تركيز مفاعل التطهير.
-tK فترة تماس البكتريا مع مفاعل التطهير والضرورية لخفض العدد الكلي لبكتريا بالنسبة محددة.
-n مؤشر الدرجة ويسمى أيضاً بمعامل الحل.
ويوصف تأثير العدد الأولي للبكتريا في المياه على كينيتيكا عملية التطهير بالعلاقات التالية:
و يبدو تأثير درجة حرارة المياه على كينيتيكا عملية التطهير من خلال رفعها لمعامل انتشار المؤكسد خلال أغشية الخلايا للبكتريا. وتُسرَّع عملية رفع درجة حرارة المياه من0.2°C وحتى 10°C عملية التطهير بشكل شديد، بينما يبدو الرفع التالي لدرجات الحرارة أقل تأثيراً. وتؤثر درجة حرارة المياه بشكل أكبر على كينيتيكا التطهير بالكلورامينات منها للكلور الحر.
Disinfection Kinetics Chick-Watson Law: Nt/No = – kCnt
لمزيد من المعلومات الرجاء النقر هنا لتحميل كامل الملف
الدكتور المهندس بسام العجي
قسم الهندسة البيئية – كلية الهندسة المدنية – جامعة دمشق
E-mail: basam-al@scs-net.org